الأربعاء، 12 أكتوبر 2011

الكلمــة والامتـلاك



الكلمة والامتلاك...

"وكان بعد موت موسى عبد الرب أن الرب كلم يشوع بن نون خادم موسى قائلا: موسى عبدي قد مات. فالآن قم اعبر هذا الأردن أنت وكل هذا الشعب إلى الأرض التي أنا معطيها لهم أي لبني إسرائيل. كل موضع تدوسه بطون أقدامكم لكم أعطيته، كما كلمت موسى، من البرية ولبنان هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات، جميع أرض الحثيين، وإلى البحر الكبير نحو مغرب الشمس يكون تخمكم. لا يقف إنسان في وجهك كل أيام حياتك. كما كنت مع موسى أكون معك. لا أهملك ولا أتركك، تشدد وتشجع ، لأنك أنت تقسم لهذا الشعب الأرض التي حلفت لآبائهم أن أعطيهم. إنما كن متشددا، وتشجع جدا لكي تتحفظ للعمل حسب كل الشريعة التي أمرك بها موسى عبدي  لا تمل عنها يمينًا ولا شمالاً لكي تفلح حيثما تذهب. لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك، بل تلهج فيه نهارًا وليلاً، لكي تتحفظ للعمل حسب كل ما هو مكتوب فيه. لأنك حينئذ تصلح طريقك وحينئذ تفلح".. (يش١׃ ١- ٨)

بهذه الكلمات الثمينة أوصى الرب خادمه يشوع قبل البدء في دخول الأرض وامتلاكها بأيام قليلة... بماذا أوصاه؟!... أوصاه بكلمته.. "لا يبرح سفر هذه الشريعة من فمك..بل تلهج فيه نهارًا وليلاً "... ولماذا أوصاه بأن يحفظ الكلمة ويلهج بها؟! لأن يشوع والشعب كان مقبلاً على الامتلاك.. فبداية امتلاك الأرض كان على بعد خطوات قليلة منهم.. والامتلاك دائمًا يأتي بواسطة الكلمة.. كلمة الله... والكلمة دائمًا تدخلنا إلى الامتلاك.. فكل عمق جديد في الكلمة، يأتي بإيمان جديد.. وكل إيمان جديد، يأتي بامتلاك جديد!!.. .. إعلانات الكلمة تخلق إيمانًا جديدًا.. فالإيمان بالخبر، والخبر بكلمة الله (رو١٠׃ ١٧)... والإيمان يمتلك الوعود.. "الذين بالإيمان... نالوا مواعيد" (عب١١׃ ٣٢).. الكلمة هي بذار الإيمان، والإيمان هو طريق الامتلاك..

لذا جاءت وصية الرب لتحُث يشوع بكلمات واضحة أن يقترب إلى الكلمة بكل قوته.. فقد كان يشوع مقبلاً على زمن امتلاك جديد.. وهكذا أنا وأنت عزيزي القاريء.. كل زمن امتلاك جديد في حياة كل منا، غالبًا ما يسبقه زمن إعلانات جديدة من كلمة الله.. كلمة الله هي الطريق المضمون ليَنبُت إيمان الامتلاك في قلوبنا.. وعندما يفتح الله عيوننا على أعماق جديدة من كلمته.. عندئذ تتجرأ قلوبنا بالروح القدس لندخل إلى أراضي جديدة ونمتلكها بالإيمان..

لذلك عزيزي، إذا كان امتلاك الأراضي الجديدة، أي وعود الله، معطلاً في حياتك.. اذهب لكلمة الله.. اقض معها وقتًا.. اسمح للرب أن ينقي قلبك من أي خطايا أو عناد أو لامبالاة.. فالقلب النقي، التائب عن الخطية، المُغطى بدم الرب يسوع.. هو القلب الذي تُثمر فيه الكلمة إيمان للامتلاك..

الكلمة بذرة تحمل حياة الإيمان، وإيمان للحياة.. من الطبيعي أن تنتج كلمة الله إيمانًا في القلب يصلح للامتلاك.. لكن وجود خطية غير مُعترف بها، بالتأكيد يعوق الإيمان من أن يولَد في القلب.. الاستسلام للخطية، عدم الخضوع لقيادة الرب (حتى في الأمور الصغيرة)، أو عدم الجدية في استقبال كلمة الله كلها أمور تعوق نمو الإيمان في القلب.

ولكن على العكس، القلب المُغطَى بدم يسوع، الواثق في بر يسوع، الغير مُستسلِم للخطية، والغير مُتصالح معها، الجاد في استقبال كلمة الله.. هذا القلب تثمر فيه كلمة الله، بسهولة وبقوة، إيمانًا حقيقيًا لامتلاك المواعيد والأراضي الجديدة.. عزيزي، الحقيقة الأكيدة، أنه لا توجد بركة من بركات الرب، لا تستطيع بذار كلمة الله أن تخلق لها إيمانًا في قلوبنا... كلمة الله هي وحدها البذار القادرة بالروح القدس أن تنتج إيمانًا يمتلك جميع بركات الله.. عزيزي القاريء، هذه حقيقة ثمينة جدًا.. وفي السطور القليلة الباقية من هذا المقال، سأضع أمامك بعض شواهد من كلمة الله، تجعل هذه الحقيقة، تضيء أمامك أكثر وأكثر...

-          الكلمة ونقاء القلب، ومعاينة الله: كلمة الله تنقي قلوبنا، فتمكنا من معاينة الله، أي الاتحاد به:
أنتم الآن أنقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به. (يو١٥׃ ٣)
طوبى للأنقياء القلب، لأنهم يعاينون الله. (مت٥׃ ٨)

-          الكلمة والشفاء: كلمة الله تدخلنا إلى امتلاك الشفاء النفسي والجسدي:
أرسل كلمته فشفاهم، ونجاهم من تهلكاتهم (مز١٠٧׃ ٢٠)..
يا ابني أصغ إلى كلامي، أمل أذنك إلى أقوالي. لا تبرح عن عينيك، أحفظها في وسط قلبك. لأنها هي حياة للذين يجدونها، ودواء لكل الجسد. (أم٤׃ ٢٠- ٢٢)... نعم دواء لكل الجسد.. هلليلويا.. كم أحب هذه الكلمات التي كتبها الروح القدس..

-          الكلمة والحرية: كلمة الله هي مفتاح الحرية:
وتعرفون الحق والحق يحرركم. (يو٨׃ ٣٢)
ثبت خطواتي في كلمتك، ولا يتسلط عليّ إثم. (مز١١٩׃ ١٣٤)

-        الكلمة والنجاح: كلمة الله تحمل جينات النجاح:
طوبى للرجل الذي لم يسلك في مشورة الأشرار... لكن في ناموس الرب مسرته، في ناموسه يلهج نهارًا وليلاً. فيكون كشجرة مغروسة عند مجاري المياه. تعطي ثمرها في أوانه، وورقها لا يذبل. وكل ما يصنعه ينجح. (مز١)

-        الكلمة والفرح:
بطريق شهاداتك فرحت، كما على كل الغنى. بوصاياك ألهج وألاحظ سبلك. بفرائضك أتلذذ، لا أنسى كلامك. (مز١١٩׃ ١٤- ١٦)

-        الكلمة وسني حياة كاملة محفوظة في الحماية الإلهية:
يا ابني، لا تنسى شريعتي، بل ليحفظ قلبك وصاياي. فإنها تزيدك طول أيام، وسني حياة وسلامة. (أم٣׃ ١- ٢)
اسمع يا ابني واقبل أقوالي، فتكثر سنو حياتك. (أم٤׃١٠)..
أمــــــــــيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــن....
ثروت ماهر
يوليو ٢٠١١

الاثنين، 18 أبريل 2011

مذكرات إناء خزفي/ الجزء الثاني

Art by: Tamer El-Sharouni
 
مذكرات إناء خزفي/ (الجزء الثاني)
  
   ... نظر الإناء الخزفي بفرح إلى عصير الكرمة النقي وهو يُصَبْ بداخله ...
 أنعشه تلامس أعماقه مع هذه العصارة النقية... سمع أصوات المحيطين به يعظمون
 دم الحمل العظيم المعروف سابقًا قبل تأسيس العالم... رجع الإناء بذاكرته إلى أيام سابقة ...
متفكرًا وهامسًا لنفسه بذكرياته في هدوء ...

-      الإناء في يوم إحباط / بك ترتفع يدي
"لأن الله لم يعطنا روح الفشل، بل روح القوة والمحبة والنصح" (٢تي١: ٧).... هلليويا للرب... هلليلويا للرب الذي يرفع يدي أمامه رغم الإحباط ورغم حروب الفشل... هلليويا للرب الروح (١كو٣: ١٧) الذي يعطي قوة ليدي لترتفع أمامه... هو قوة ليديّ.. روحه هو القوة التي ترفع يداي عاليًا...

باركوا الرب يا جميع عبيد الرب، الواقفين في بيت الرب بالليالي. ارفعوا أيديكم نحو القدس، وباركوا الرب (مز١٣٤: ١، ٢)... نعم يا رب هذه هي كلماتك... لكن أين لي بالقوة، وأنا إناء خزفي؟! أين لي بالقوة وسط الضغوط والإحباط؟! العدو يريد أن يخفض يديّ، وأنت تريدها مرتفعة عالية...

وسط تسبيح الجماعة... وأنا واقف بين أوان الكرامة نسبح معًا، رغم شعوري بثقل الخزف في إنائي... أسمع روحه يشجعني، يهمس لي.. الكنز آت... استمر في تسبيحي... استمر في محضري... لا تلتفت يمينًا ولا يسارًا.. الكنز آت.. الكنز لك.. والكنز يُسكب بالإيمان، وسترتفع يدك!!...

يستمر التسبيح وتتواصل العبادة.... ثقل الخزف يخف!! يتناقص!! يتوارى!!...
وثقل المجد يحل... يزداد... يلمع... روح المجد يحل علينا... ترتفع مياه الروح... نـهرٌ سواقيه تفرح أوانينا... نـهرٌ سواقيه تأتي بمياه الروح... لتملأنا.. وتصبغنا.. تعمدنا... تملأ مياه الروح المنعشة الإناءَ من الداخل... وتحيط بالخزفِ من الخارج... يفقد الخزف ثقله مع ارتفاع المياه، يتحرك عكس قوانين الخزف الطبيعية، وعكس قوانين الجاذبية،  وترتفع يداي... فالمياه مياه حية... وكل من يأتي إليه النهر يحيا...

التفِتُ بهدوء لأراني في محضره.. هو لفت انتباهي، ونبه روحي لأراني في محضره... فهو يعرف أني في محضره، إدراكي لإنائي يكون بحسب قلبه... لذا نبه روحي لأرى معجزاته في إنائي الخزفي!!... لأرى عمل شدة قوته في الخزف.. في الإناء الضعيف...

هلليويا.. رأيت الخزف الممتليء بالروح يرفع يداه أمام الرب القدير.. إنّ يداي ترتفع أمامه.. ارتفعت يداي!! كيف هذا؟!.. يا لمجد غنى النعمة.. يداي ترتفع وإنائي يتذوق المجد.. الإناء الخزفي ينسى الخزف في محضر الملك.. وكيف أتذكر خزفي في محضره!! وكيف يستطيع الخزف أن يقوى عليّ في محضر الملك، أمام العرش.. عرش النعمة.. حيث أمتليء بالمجد، حيث أمتليء به... المسيح فيّ رجاء المجد... الخزف يُشَبَّع بالمجد.. بالقوة.. بالحضور الإلهي... الخزف يمتليء بالمجد.. بالكنز.. الحديد يوضع في النار، فيصير جمرات مشتعلة... لونها لون النار.. شكلها ناري... وترتفع يدي... بك ترتفع يدي... المسحة تتدفق... النور يشرق... القوة تملأ الأجواء... بك ترتفع يدي.. الضعف يوّلي... الاحباط يحترق... بك ترتفع يدي...

أنظر إلى اليد المرتفعة... أتذكر يدك المرتفعة... اسمع كلمات سفر الخروج: "إنّ اليد على كرسي الرب.. للرب حرب مع عماليق من دور إلى دور." (خر١٧׃ ١٦)... هلليلويا... ها يدك مرتفعة لأجلي بالعهد... عهد أبدي.. فأنت شريك العهد.. وما يدي المرتفعة، إلا انعكاس لارتفاع يدك القوية القديرة... يدي المرتفعة ترعب العدو... يتراجع، لأنها انعكاس ليدك المرتفعة.. أعطيتني السلطان أن أدوس الحيات والعقارب.. أدوس ببأس... ترتفع النغمة... كارتفاع نغمات داود في مزامير المصاعد... "أعطيت خائفيك راية ترفع لأجل الحق." (مز٦٠׃‏٤)... هلليلويا... لنا هذا الكنز في أوان خزفية... وبك ترتفع يدي...

-     في حضور الملك/ يفنى النقاب.. وبترنم النجاة تكتنفني
ترتفع النغمة أكثر وأكثر... ترتفع الرايات أكثر وأكثر... بك ترتفع يدي، وبك ترتفع أيادينا.. نعم، ترتفع أيادينا جميعًا، فالإناء الخزفي يمتليء وسط أواني كثيرة تمتليء... أمتليء وسط امتلاء إخواني، باقي الأواني... المجد يزيد بداخلي وحولي، والمجد يزيد ويزيد بداخل باقي الأواني وحولها... المجد يحل، يرتاح، يستقر، كاستقرار الشاكيناه في قدس الأقداس. تملأ السحابة المكان، وتغطيه.. الأذيال تملأ الهيكل.. وأجنحة الحضور تتحرك بدفء وانتعاش، بحيوية وبقوة.. ما أحلى حضورك... يفنى النقاب.. هلليلويا.. نعم، يفنى النقاب، ونزرع جنات.. صرنا جنة ريا.. سماؤنا أتت هنا.. وسطنا.. صرنا سماءً على الأرض.. مدينة ملجأ.. أنت ملجأ، وبحضورك فينا صرنا مدينة ملجأ.. أوان خزفية تمتليء بالكنز..

يدخل المكان مُعيي، إناءٌ ضعيف، يحمل بريته في داخله!! ينظر حوله.. يرى أوان مثله.. لكن يا لعجبه؟!.. يوجد قوة بالمكان.. مجال للحضور الشافي، يالبهاء أجنحة الشفاء التي تتحرك بخفة في المكان!!.. الأواني الخزفية ممتلئةً بالكنز.. والنغمة تعلو وتعلو.. ترنم النجاة يملأ المكان.. يوجد ملجأ.. مدينة ملجأ..

أذيال الحضور تلف صديقنا المعيي، الرب يبسط ذيله على الإناء الضعيف المحاصر بالبرية.. البرية تنكمش بداخله.. أمام أنهار الماء الحي، كل برية تتآكل، وتصير البرية بستانًا.. صديقنا بريته تؤكَل وسط جنة الرب.. تختفي، تتوارى.. يُلَفُ بالمجد.. يجد نفسه وجهًا لوجه أمام إله المجد.. الرب الحي في وسطنا.. هلليلويا..

صرنا نغمة عالية.. ومن أفواهنا يخرج ترنم النجاة.. ويفتح الإناء الضعيف شفتاه ويرنم.. الرب نوري وخلاصي ممن أخاف، الرب حصن حياتي ممن أرتعب؟!.. ما أعظم الجود الذي ذخرته لخائفيك وغناك وهبته.. رحمتك تحيط بي، وبترنم النجاة دومًا تكتنفني... نعم.. نعم.. بترنم النجاة تكتنفني.. هلليلويا.. ما أعذب ترنم النجاة!! ما أعظم رحمتك لي!! فاقت وفاقت وفاقت كل أفكاري... ها الأواني ممتلئة.. ومَن يدخل يمتليء.. نهر الحياة هنا.. مُعطي الكنز بيننا.. ومَن يعطش فليأت. ومن يُرد فليأخذ ماء حياة مجانًا.. ومَن يشرب من هذا الماء، لا يعطش أبدًا، بل تجري من بطنه أنهار ماء حيّ.. ويزرع جنات.. ويصير كجنة ريا.. هلليلويا.. كم نحب حضورك يا أبي؟!
من مذكرات إناء خزفي....
ثروت ماهر / ٢٠١٠

الثلاثاء، 15 مارس 2011

للانتقال للمدونة الرئيسية



للانتقال للمدونة الرئيسية للأخ ثروت ماهر

اتبع الرابط الآتي

مذكرات إناء خزفي - الجزء الأول




مذكرات إناء خزفي

      ... نظر الإناء الخزفي بفرح إلى عصير الكرمة النقي وهو يُصَبْ بداخله...
 أنعشه تلامس أعماقه مع هذه العصارة النقية... سمع أصوات المحيطين به يعظمون
 دم الحمل العظيم المعروف سابقًا قبل تأسيس العالم...
رجع الإناء بذاكرته إلى أيام سابقة ...
متفكرًا و هامسًا لنفسه بذكرياته في هدوء ....

الإناء في يوم تشكيل:
      أتذكر ما مضى من حياتي ... كنت و لازلت و سوف أكون إناء ... هذا هو وصف الخزاف العظيم لي... و هناك آنية للكرامة وأخرى للهوان.... كنت في كل مرةٍ يحاول الفخاري أن يضعني على الدولاب تتفاوت ردود أفعالي. (الدولاب هو تلك الماكينة التي تدور و معها الإناء، وأثناء دورانه يشكله الفخاري بأصبعه)
تارة كنت أنزلق من بين يديه بمجرد أن يلمسني... وتارة كنت أخضع وأركب البكرة الدوارة وأدور بسعادة على دولاب الفخاري، ولكن... ما أن يبدأ في تشكيلي حتى أقفز من على الدولاب... لأطرح نفسي أرضًا و أشوه انسيابيتي التي كنت قد أكتسبتها من دوران البكرة الدولابية....
تارة أخرى كنت أظل على الدولاب أدور خاضعًا و متحملاً أولى ضغطات أصابع الفخاري... وقد أتحمل الثانية... والثالثة أيضًا... لكني فجأة أتضجر وأجدني قررت القفز، وفعلاً أقفز وأدمر مرة أخرى ما فعلته بي يد صانعي...
ويا للعجب !!! في كل مرة كنت أقرر القفز... ما كان الفخاري يجبرني أو يعنفني...كان يصلني منه شعور عميق بالحب... كان ينصحني ويرشدني... لكنه كان يحترم حريتي... يا لعجبي للمرة الأولى أجد فخاري يحترم إرادة الطين الذي يشكله بيديه!! وللمرة الأولى أجد فخاري يحب الطين الذي يشكله بيديه!! فها هو كل مرة يعود ليشكلني من جديد بكل صبر... و بكل حب... صوته يقول:" أحببتك... دعوتك باسمك... أنت لي "
 و ذات مرة.... التقطتني يد الفخاري، ووضعتني على الدولاب.... التفت لأقفز، وفي التفاتتي فاجئتني مرآة....
مرآة وضعها الفخاري على جانب الدولاب.... يا للمفاجأة !!! أرى ذاتي للمرة الأولى... ما هذا ؟! ما أنا ؟! تراب... أأنا تراب ؟! وما هذا أيضًا ؟! إن اليدان المجروحتان تشكلانني !! مجروحتان لأجلي ... لأجل قساوة هذا الطين... لتصنع منه إناء للكرامة... آه أيها الرب !! كم أنا عزيز في عينيك !! شعرت بكم يحبني الرب وأدركت كم هو غالٍ عمل السيد فيَّ ..... خضعت... الحب أخضعني .... آه يا رب ما أروع ضغطاتك ! ما أروع همساتك!.. ما أروع عمل روحك فيَّ! ليس مثلك... هبني ألا أقفز من بين يديك مرة أخرى.....

الإناء في يوم مرض:
     قفزات بالإيمان ... اكتشفت مؤخرًا أني من اليوم الأول الذي بدأ الخزاف العظيم يشكلني فيه، وأنا مدعو أن أقفز في حياتي... ليس من فوق دولاب التشكيل، ولكني مدعو لكي أقفز قفزات بالإيمان...
الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله... كلمة الله تقول... وهو مجروح لأجل معاصينا مسحوق لأجل آثامنا...تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا... وتقول أن كل من لمسوه نالوا الشفاء... يسوع يجول يصنع خيرًا و يشفي المتسلط عليهم إبليس... يشفي الأمراض الروحية والجسدية.... أنا مدعو أن أقفز بالإيمان فوق مرضي... أيهما أصدق؟؟ مرضي أم يسوع؟؟ إن كان المرض قد سبق وانتصر على يسوع قبلاً، فلنصدقه !! لكن الحقيقة الأكيدة أنه في كل مرة وقف يسوع أمام المرض، فإن يسوع قد انتصر علي المرض انتصارًا ساحقًا... انتصر يسوع على العمي و على الصمم.... على البرص وعلى الخرس... انتصر يسوع على أمراض العظام... قوّم الانحناء وشفى المشلول والمفلوج...شفى يسوع المجنون... أعاد الأذن المقطوعة لعبد رئيس الكهنة ضاربًا مثالاً رائعًا على قدرته على شفاء عاهات الحوادث.... يسوع يشفي... هذه حقيقة... وليس هذا فقط بل أن يسوع يقيم من الأموات... ابن أرملة نايين... إبنة يايرس... لعازر ... يسوع هو الحياة يستطيع أن يشفي إناء صغير مثلي عندما يمرض... فيهتف الإناء مهللاً... أين شوكتك يا موت أين غلبتك يا هاوية.... هو أخذ ما لي... وأعطاني ما له... هليلويا...

الإناء في يوم ضيق:
     إدعني في يوم الضيق... أنقذك... فتمجدني...
عند اختناق الأمور... في وسط الاختناق...وسط الضيق... أستطيع أن أميز تلك اللمسة القوية الحانية... قبلاً كنت أجد هذه اللمسة أحيانًا و أحيانًا أخرى لا أجدها... بعد الامتلاء بالروح القدس، روح الفخاري العظيم، اللمسة دائمًا تأتي، لا بل قل أن الروح دائمًا ما يصلني بها.... الأمور تختنق، لكني لا أختنق...! الأمور تضيق، لكني لا أضيق...! كإناء خزفي، لا أحب أن أشهد عن صانعي في أشياء لم يصنعها، ولا أحب أن أشهد في أشياء صنع هو جزء منها والجزء الآخر صنعته أنا من خيالي الطيني..! لكني أحب أن أشهد عندما يخترقني... عندما تكون كل ميولي وخططي نحو اليأس.. وفجأة !! وبدون أي توقع أجده يأتي و يدخل و الأبواب مغلَّقة...! يأتي بقوته فيجذبني ... يحول كل أفكاري الترابية نحو الحق... نحو أفكاره الإلهية... لا تخف لأني فديتك... دعوتك باسمك... أنت لي... إنها كلمات المسيح التي لا تقبل الجدل..!!
سيدي.... أثق أنك تعمل بقوة في داخلي...
أثق أنك قائد لمشوار حياتي....
يدك تشكلني ... تضغطني... أبكي... ترفرف حولي...
تسيل دموعي حبًا.... ما أعظمك.... أشهد عنك حلو لي...
أقف مدهوشًا أمام حكمتك.... أمام تعاملاتك المحسوبة بالثانية... باللحظة....
إن توانت... انتظرها... تأتي إتيانًا و لا تتأخر...
قد تتأخر عن الموعد الذي وضعته بأفكاري الخزفية...
لكنها لا تتأخر عن الموعد الصحيح... موعدك أنت...
لما كان ملء الزمان... أرسل الله خلاصًا... يسوعًا....
في ملء كل زمان من أزمنة حياتي.... ترسل خلاصًا... يسوع الأزلي الأبدي....
الكائن و الذي كان والذي يأتي... يسوع لي... رسالة خلاص كل يوم....
من مذكرات إناء خزفي....

الأخ/ ثروت ماهر

الثلاثاء، 25 يناير 2011

أبيجايل




أبيجايل... قلب يرى الملك..

جلست أبيجايل في مشغلها تغزل بيديها على النول اليدوي سجادة زاهية الألوان... وأسرعت أصابعها تداعب النول بكل رقة ومهارة، وعيناها تتأمل الألوان لتضع كل لون في مكانه.. فها الأحمر القرمزي يسبق الأرجواني الملوكي ويتداخل معه، ليصنعا لوحةً مشرقةً بالأصالة والفخامة!! وبينما تُحرك أبيجايل قاعدة النول بقدميها،  وأصابعها تجري على مشط النول ببراعة وانسيابية هادئة، إذ بصوت ضجيج يخترق الشرفة الخارجية، ويقترب بطرقات منزعجة على باب المشغل!!

فتحت أبيجايل الباب لتجد أمامها مجموعة من غلمان زوجها نابال، وأسرع أحد الغلمان لاهثًا يقول لأبيجايل أن داود أتيًا مع أربعمائة رجل من رجاله ليحارب نابال زوجها، ويقضي عليه وعلى بيته!! وإذ ارتسمت علامات الذهول على وجه أبيجايل، بدأ الغلام بكلمات سريعة يروي كيف أن داود ورجاله كانوا في الشهور السابقة نعم الأصدقاء لهم... لم يؤذوهم أبدًا، بل على العكس عملوا على حمايتهم وحماية ممتلكاتهم... إلى أن أرسل داود إلى نابال، زوج أبيجابل، يسأله أن يعط بعضًا من أغنامه المذبوحة لغلمانه، وخصوصًا أن غلمان داود في هذا الوقت كانوا مطاردين مع داود ومشغولين بالهرب من شاول، ولم يكن عندهم وقت لرعي الأغنام أو ذبحها... وإذ أتى رسل داود إلى نابال، ثار عليهم نابال ورفض أن يعطيهم شيئًا، وتكلم على داود كلمات غير لائقة.. وعلم داود بهذا كله، فثار جدًا، وقرر أن يخرج هو ورجاله لمحاربة نابال، وها داود آتيًا مع رجاله للقضاء على نابال وبيته..!!

سمعت أبيجايل كلمات الغلام باهتمام شديد.. ثم أدارت وجهها بصمت لتركز عيناها على خيوط النول القرمزية والاسمانجونية المتتابعة.. قالت لنفسها بصوت خافت: "داود الملك آت..!! نعم.. داود الملك آت..!!"

سمعها الغلام رغم خفوت صوتها، وقال بدهشة معترضًا: "سيدتي، إن داود هو بالحق رجل قوي وقائد شجاع، ولكنه ليس الملك، في الحقيقة هو هارب من وجه الملك شاول!!"

نظرت أبيجايل إلى الغلام ورفقائه في ثبات، وقالت: "لا.. أنا أعني ما قلته تمامًا.. داود الملك آت.. إن داود ليس مجرد قائد شجاع!! إنه الملك الآتي على كل إسرائيل.. إن الرب صنع به انتصارات عجيبة، وبداخلي يقينًا أنه هو الملك الحقيقي. وحتى إن كانت الظروف لا تشير إلى أنه الملك الآن، والأحداث لا تؤكد هذا تمامًا، إلا أنّ قلبي يؤكد لي أن داود هو الملك الحقيقي!!.. نعم داود هو الملك الحقيقي..!!"

نظر الغلمان بذهول إلى سيدتهم، وقبل أن ينطقوا بكلمة أمرتهم أبيجايل أن يجهزوا لها "مئتي رغيف خبز، وزقيّ خمر، وخمسة خرفان مهيأة، وخمس كيلات من الفريك، ومئتيّ عنقود من الزبيب، ومئتي قرص من التين" (١صم ٢٥׃‏١٨). ثم قالت لهم "اعبروا قدامي. هأنذا جائية وراءكم" (١صم ٢٥׃ ١٩)

وذهبت أبيجايل لمقابلة داود، وأعطته الهدايا، واستحلفته أن يصفح عن ذنب زوجها، وألا يسكب دمه هو أو أي شخص من غلمانه.. وطلبت أبيجايل من داود أن يذكرها عندما يُستعلن ملكه على كل إسرائيل..!! وقَبل داود هدايا أبيجايل، وباركها قائلاً: "مبارك الرب إله إسرائيل الذي أرسلك هذا اليوم لاستقبالي، ومبارك عقلك، ومباركة أنت... اصعدي بسلام إلى بيتك. انظري. قد سمعت لصوتك ورفعت وجهك". (١صم٢٥׃ ٣٥).

ورجعت أبيجايل بسلام إلى بيتها، واخبرت زوجها نابال في اليوم التالي عما حدث، "فمات قلبه داخله وصار كحجر" (١صم٢٥׃ ٣٧). وبعد عدة أيام، ضرب الرب نابال فمات. ولما سمع داود أن نابال مات، طلب من أبيجايل أن تكون زوجة له. وبالفعل، وافقت أبيجايل وصارت زوجة لداود، داود الملك الذي بالفعل استعلن ملكه بعد موت شاول ملكًا على كل الشعب وعلى كل مملكة إسرائيل... وبذلك أصبحت أبيجايل، المرأة الحكيمة، هي زوجة الملك!!

عزيزي القاريء... هل أعجبتك قصة أبيجايل؟! في الحقيقة، هي إحدى القصص المُشوقَة في الكتاب المقدس، وقد رويتها لك مع إضافة بعد التفاصيل الروائية... ولكن صديقي، هي ليست قصة عادية. لكنها، مثلها مثل الكثير من قصص العهد القديم، تحمل لي ولك بُعدًا نبويًا هامًا لعلاقتنا مع حبيبنا وملكنا شخص الرب يسوع. لذا أشجعك قبل أن تواصل قراءة هذا المقال أن تفتح كتابك المقدس وتقرأ القصة بالكامل في سفر صموئيل الأول والإصحاح الخامس والعشرين، كما أشجعك أن ترفع قلبك للحظات، وتدعو الرب أن يأتي ويسكب إيمان جديد وفرح جديد وأنت تقرأ باقي هذا المقال...
نعم أيها الرب...تعال بروحك الآن..
املأ وقت القراءة هذا بأجواء حضورك...
أجواء سلطان الملك... لمسات الشفاء والتحرير من الخوف..
لمسات المعجزات وسكيب الإيمان.. بإسم الرب يسوع..

والآن عزيزي القاريء، أحب أن أشاركك بثلاث أبعاد هامة لعلاقتنا مع الرب في هذا العام، من خلال تأملنا في قصة أبيجايل...

أولاً: أبيجايل.. قلب يرى الملك بالإيمان، ولا يتأثر بالعيان..
صديقي، هل لاحظت أن أكثر شيء مميز في قصة أبيجايل، أنها رأت داود ملكًا، قبل أن يكون مُلكه قد استعلن بالفعل!! عندما قابلت أبيجايل داود، قالت له هذه الكلمات: "عندما يصنع الرب لسيدي حسب كل ما تكلم به من الخير من أجلك، ويقيمك رئيسًا على إسرائيل... اذكر أمتك" (١صم٢٥׃ ٣٠). نعم.. أيقنت أبيجايل بقلبها أن داود هو الملك، حتى وإن كان العيان يقول عكس هذا.. وأعلنت بكلماتها ما صدقته بقلبها... وعلى العكس تمامًا كان زوجها نابال، الذي معنى اسمه أحمق، لا يرى إلا العيان، فلم يرى في داود سوى شخص مُطارد (١صم٢٥׃ ١٠،‏١١)..

والآن صديقي... الروح القدس يريد أن يفتح عيوننا في هذا العام، لنرى الملك.. يريد الروح أن يُكحل عيوننا لننظر في وسط أحداث حياتنا، ونرى يسوع ملكًا.. رأت أبيجايل داود ملكًا، فربحت حياتها، وأنقذت كثيرين.. نعم، في رؤية الملك حياة.. في نور وجه الملك حياة (أم١٦׃ ١٥)...

صديقي.. وأنت تحيا أيامك.. بأي عينان ترى؟! أترى بعيني لابان الذي لا يرى إلا العيان؟!! أم ترى بعيني أبيجايل التي تمتليء برؤية الملك؟! لقد امتلأت أبيجايل برؤية داود ملكًا، فاستطاعت أن تعبر العيان وتصدق الآتي... وأنا وأنت.. ألا نمتليء برؤية داود الحقيقي ملكًا، الرب يسوع هو الملك الحقيقي.. الذي رؤيته ملكًا على حياتنا تفتح أجواءنا للإيمان لكي يتدفق، وتفتح أجواءنا للمعجزات كي تحدث بغزارة في وسطنا.. يسوع ملك... نعم وهو رئيس وباديء الإيمان وأيضًا مكمله... رؤيته ملكًا، رغم أي صعاب تجتاز فيها، تجعل الإيمان ينتعش بداخلك... رؤيته ملكًا، تجعل الصعاب والتحديات تظهر على حقيقتها.. صغيرة جدًا أمام الملك القدير.. هلليلويا... يسوع أعطِي اسمًا فوق كل اسم.. لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممّن في السماء ومن على الأرض ومن تحت الأرض.. هلليلويا.. تذوب الجبال قدام الملك.. تتزلزل أساسات السجون أمام جلاله المهوب.. تشفى أصعب الأمراض، وتختفي الأورام أمام سلطان الملك.. يرسل كلمته، فيشفي.. لأن حيث كلمة الملك، فهناك سلطان...

عزيزي القاريء.. لنراه ملكًا... لنتوجه ملكًا بإيمان... لنكون مثل أبيجايل التي رأته بقلبها ملكًا.. صديقي، أيًا كان ما تعبر به.. الروح القدس يرسل لك هذه الكلمات، ليفجر بداخلك صورة وإعلان يسوع الملك.. الروح يريد أن يعطيك معجزتك.. ورؤيتك ليسوع ملكًا، هي مفتاح لمعجزتك ولإنقاذك خلال هذه الأيام...

ثانيًا: لنقدم للملك الهدايا.. لأنه مستحق..
قدمت أبيجايل هدايا لداود لأنها فهمت أنه الملك، مع أنّ مُلكه لم يكن قد استعلن بعد. وقدم المجوس الهدايا ليسوع لأنه الملك، مع أنه كان مُضجعًا في مذود!!... والآن.. أنا وأنت عزيزي القاريء لدينا نفس الفرصة، لنمارس الإيمان ونقدم هدايانا ليسوع وسط أي صعاب نعبر بها، ووسط أي عيان يريد أن يشكك في أنّ يسوع ملك... لنقدم له تسبيحنا.. تسبيح الملك.. لنقدم ثمر شفاه معترفة باسمه (عب ١٣׃‏ ١٥)... لنهتف له أمام الجبال في حياتنا.. ذابت الجبال مثل الشمع قدام الرب قدام سيد الأرض (مز ١٠٧׃ ٢٦).. نعم ونؤمن أن الجبال ستذوب ونحن نسبحه.. نعم ونؤمن أن الرب يحرك ذراعه القديرة، ويصنع عجبًا.. نعم.. نؤمن أنّ في وجه الملك حياة.. وأنّ حياته لنا.. سنسبحه رغم الصعاب.. وسَيُحول كل شيء لخيرنا.. فهو الملك... وهو ملكنا.. عزيزي، سبح الرب.. اعلنه ملكًا.. اعلن أنّ مجده ملء كل الأرض.. مجده سيملأ أرض حياتك.. واعلن أنّ مشيئة الملك ستجري سريعًا في حياتك.. بإسم الرب يسوع..

ثالثًا: أبيجايل.. حياة تفيض بالفرح..
عزيزي القاريء... أسماء الشخصيات في قصتنا لها مغزى هام.. فمثلاً نابال، الذي معنى اسمه حماقة وجهل، تصرف بالفعل مع داود بحماقة! وقالت عنه أبيجايل لداود أنه "كأسمه هكذا هو. نابال اسمه والحماقة عنده." (١صم٢٥׃ ٢٥)..

ولكن عزيزي، هل تعلم أن أبيجايل أيضًا، اسمها يعبر عن شخصيتها وعن نتائج أفعالها الحكيمة التي ترى الأمور الآتية، ولا تعتمد فقط على العيان!!... إن "أبيجايل" اسم يعني في لغته الأصلية "أب للفرح" أو "مصدر للفرح"... وكم كانت أبيجايل بالحق مصدر للفرح لداود!!... أما فَرِح داود بمقابلة أبيجايل..! أما فَرِح بكلماتها الحكيمة له التي رأته ملكًا، وصدقته وأعلنته ملكًا رغم الظروف المحيطة..! بالتأكيد فَرح داود بأبيجايل، ولهذا بارك الرب الذي أرسلها له، وأيضًا باركها. وبعد تغير ظروفها، طلبها للزواج، وبالفعل صارت عروسًا له.. عروس للملك!!...

عزيزي القاريء... إيماننا يُفرح قلب الرب.. إيماننا يفرح قلب داود الحقيقي.. الرب يسوع.. ملك الملوك، ورب الأرباب... بدون إيمان لا يمكن إرضاؤه (عب١١׃ ٦)... ولكن بالإيمان نُشبع قلب الرب.. نُفرح الروح الذي يتحرك لأجلنا، فتعمل كل الأشياء معًا للخير.. ويتحرك الروح القدس في حياتنا بقوة.. ويملأنا بثماره.. ويفيض علينا بمواهبه.. ويملأ أجواءنا بمعجزاته، فنفرح أكثر وأكثر.. وفرحنا يُزيد قوتنا، لأن فرح الرب هو قوتنا.. فنسلك بالإيمان في تخوم أوسع.. ونرى الرب ملك لاتساعات أعظم.. ونعلنه ملك.. وبالإيمان نراه يملك... يملك على نفوس أكثر.. يغير بسلطانه أجواء بلادنا.. يصنع بنا شوق قلبه...

نعم عزيزي القاريء... هيا.. هيا.. هيا لنعلنه ملكًا.. هيا لنطرد كل عدم إيمان.. ونمتليء بالثقة أنّ يسوع هو الملك الحقيقي.. هيا لنعلن هذا بكلماتنا.. لتتغير كلمات شفاهنا.. وعوضًا عن الكلمات السلبية، لتخرج كلمات الإيمان.. وتسبيح الإيمان الذي يرى ما لا يَُرى.. هيا لنكون مثل أبيجايل، نتوجه ملكًا.. ونقدم له هدايانا ملكًا.. ننتظره ملكًا.. إلى أن يُخضَع الكلَ له.. هيا ليفرح قلبه بنا.. هيا ليفرح قلب الملك بعروسه المجيدة.. هيا لنكون مثل أبيجايل والخمس فتيات اللاتي أخذتهن معها عند ذهابها كعروس لداود (١صم٢٥׃ ٤٢).. هيا لنكون كالخمس عذارى الحكيمات اللاتي امتلأت أوانيهن بالزيت.. لنُفرح قلب الملك.. ليفرح الملك بنا.. بكنيسته التي اشتراها بدمه.. لنبتهج جدًا جدًا.. لأنه ها هو آتٍ سريعًا.. الملك آتٍ.. لنسمع للصوت الخارج من العرش، كصوت مياه كثيرة ورعود شديدة، يعلن "قد ملك الرب الإله القادر على كل شيء. لنفرح ونتهلل ونعطيه المجد، لأن عرس الخروف قد جاء وامرأته هيأت نفسها." (رؤ١٩׃‏٧)... هلليويا..

نعم أيها الرب.. أنت هو الملك الحقيقي..
ملك الملوك ورب الأرباب...
المس قلوبنا بسلطانك.. لتصير قلوبنا قلوب ترى الملك..
المس عيوننا، لنراك في كل ظروف حياتنا.. ملكًا متوجًا..
المس أجواء بلادنا بسلطانك.. لتمتلأ أجواءنا بإعلان مُلك يسوع..
وليُرعب تسبيحنا العدو.. فيهرب من أمامنا..
نعم، وليرتفع تسبيحنا: "الملك ببهائه يشرق في وسطنا بمجده.."
يشرق بالشفاء.. بالحرية.. بالغنى..بالمجد..
له المجد في الكنيسة إلى أبد الآبدين.. آمين..

ثروت ماهر/ يناير ٢٠١١